شريف. كأنها ملك على رأسه تاجه ، وحواليه من الدوحات حشمه وأعلاجه عبادها يدها ، وكهفها كفها ، وزينتها زيانها ، وعينها أعيانها. هواء المقصور بها فريد ، وهواؤها الممدود صحيح عتيد ، وماؤها برود صريد. حجبتها أيدى القدرة عن الجنوب ، فلا نحول فيها ولا شحوب.
خزانة زرع ، ومسرح ضرع. فواكهها عديدة الانواع ، ومتاجرها فريدة الانتفاع ، وبرانسها رقاق رفاع.
الا أنها بسبب حب الملوك (١٦١) ، مطمعة للملوك ، ومن أجل ، مغلوبة للامرا. أهلها ليس عندهم (١٦٢) جمعها الصيد فى جوف الفرا الراحة ، الا فيما قبضت عليه الراحة ، ولا فلاحة ، الا امن أقام رسم الفلاحة. ليس بها لسع العقارب ، الا فيما بين الاقارب ، ولا شطارة (١٦٣) الا فيمن ارتكب الخطارة (١٦٤)
ثم لما وصل الى هذا الحد ، نظر الى حاج السوق (١٦٥) قد أفاض ، ومزاده قد أعمل فيه الانفاض ، وعلو الاصوات به قد صار الى الانخفاض ، فقال : وجب اعتناء بالرحيل واهتمام ، وكل شىء الى تمام. ومددت يدى الى الوعاء فخرقته ، والى العين فأرقته ، وقلت له : لاحكمنك من كرام بنى الاصفر ، فى العدد الاوفر ، ماثلة فى اللباس المزعفر ، فلما خضب كفيه بحنائها ، وحصلت النفس على استغنائها ، استدنانى ، وشبك بنانه ببنانى ، وقال : لاحبط عملك ، ولا خاب أملك ، ولا عدم ـ المرعى الخصيب ـ
__________________
(١٦١) حب الملوك فاكهة صيفية ، ولا سيما فى مناطق الجزائر والمغرب ، ويقام «مهرجان» خاص فى مدينة صفر والمغربية فى موسم هذه الفاكهة حتى الآن.
(١٦٢) اشارة الى المثل المشهور «كل الصيد فى جوف الغرا».
(١٦٣) الشطارة ، بفتح الشين ، الخبث ، وتقول ، «شطر فلان شطارة ـ من باب ضرب ـ فهو شاطر» وذلك اذا أعيا أهله خبثا.
(١٦٤) الخطارة : ما يراهن عليه وهو السبق.
(١٦٥) حاج السوق : المشترى بالسوق ، والمحتاج فيه.