هذا الوزير وعبقرياته ، فيقول : «هو شاعر الدنيا ، وعلم الفرد والثنيا ، وكاتب العرض الى يوم العرض ، لا يدافع مدحه فى الكتب ، ولا يجنح فيه الى العتب ، آخر من تقدم فى الماضى ، وسيف مقولة ليس بالكهام ؛ اذ هو الماضى ، والا فانظر كلام الكتاب الأول من العصبة ، كيف كان فيهم بالافادة صاحب القصبة ، للبراعة ، باليراعة ، وبه أسكت صائلهم ، وما حمدت بكرهم وأصائلهم ، المشربة بالحلاوة ، الممكنة من مفاصل الطلاوة ، وهو نفيس العدوتين ، ورئيس الدولتين ، بالاطلاع على العلوم العقلية ، والامتاع بالفهوم العقلية (١٨)».
كذلك يبدى النقاد الأجانب اعجابهم وتقديرهم لابن الخطيب ، وينوّهون فى كثير من المناسبات بمنزلة الرجل العلمية والأدبية ، وما زالت آثاره محل دراستهم المستفيضة ، معينا لا يغيض ، ومنهلا بالمعارف يفيض.
وفى طليعة هؤلاء النقاد الأجانب المستشرق الأسبانى (سيمونيت Simonet) حيث يقول : «ان ابن الخطيب قد خلّف لنا آثارا كثيرة ، فى النثر والشعر ، والتاريخ ، والجغرافيا ، والرحلات ، والبلاغة ، والشريعة ، والعلوم ، والأخلاق ، والدين ، والنبات ، والطب والبيطرة ، والموسيقى ، والفن الحربى ، والسياسة ، وكلها غنية فى الابتكار والتعمق والرشاقة (١٩)».
وبهذه المناسبة نذكر أن المستشرق «سيمونيت» تناول بالتحقيق والترجمة المدن الأندلسية التى وصفها ابن الخطيب فى كتابه «معيار الاختيار ، فى ذكر المعاهد والديار» موضوع هذا الكتاب ـ كما أسلفنا فى المقدمة ـ على نحو ما سنفصل القول عنه فى الباب الثالث ، عند حديثنا عن قيمة مؤلفه هذا من الناحيتين التاريخية والأدبية.
__________________
(١٨) المقرى «أزهار الرياض ، فى أخبار القاضى عياض» ج ١ ص ١٩١.
(١٩)F. J. Simonet. Discripcion Del Rieno de Granada, Sacada Del Los Autores Arabigos.