ما تشعث من أبنية حلب ولما ولى نيابة حلب الأمير سيف الدين قصروه سنة ٨٣٠ شرع بتوسيع هذا المشهد وبناه بالحجارة الكبار وعقد على الضريح قبة ووسع الصحن وبنى له بابا حسنا بالحجارة الكبار وجعل شماليه إيوانا بشبابيك مطلة إلى جهة الشمال ولما توفيت ابنته دفنها هناك على يمنة الداخل بالقرب من الباب وعقد عليه قبة ووقف عليه وقفا وسبب اعتنائه بهذا المشهد أنه كان قدم إلى حلب قبل ذلك وهو خاصكي بتقليد نائبها فاعتراه قبل دخوله البلد وجع شديد وكانت عادة من يرد من الخاصكية إلى حلب أن يبيت هناك ليدخل البلد بكرة النهار فبات تلك الليلة وهو في غاية الألم فرأى في منامه إن صاحب الضريح وهو شيخ حسن الشكل مسح عليه ودعا له وبشره بأنه يصير نائب هذه البلدة فأصبح معافى وعاهد الله أنه إن ولي حلب أن يجدد بناء هذا المكان ففعل وقف له وقفا.
وهذا المشهد الآن يعرف بسعد الأنصاري في قرية الأنصاري. قال ابن الشحنة : ولا أعرف المستند في ذلك إلا أن يكون الاشتباه فإن الجبل الذي هو تجاه هذا الجبل من جهة الشرق والقبلة عليه مشهد يقال له مشهد سعد الأنصاري (في قرية الشيخ سعيد). وكان هذا المشهد صغيرا جدا وبه صريح صغير فلما ولى نيابة حلب الأمير خيري بك الطويل وسع هذا المشهد وبنى به دارا وقبلية وإيوانا وقبة فيها شبابيك مطلة غربا وقبلة وشمالا ووسع الصحن وبنى له بابا حسنا ومنارة ووقف عليه وصار يخرج إليه في كل سنة ويقرئ به قصة المولد الشريف ويحضر معه الأمراء والأكابر وأعيان البلد.
ومن المشاهد أيضا المشهد الأحمر وهو في رأس جبل الجوشن يقصده أهل البلد في مهماتهم ويدعون فيه فيستجاب لهم وهو قبلي المشهد المتقدم ذكره بينهما رمية حجر وقد بنى فيه بعض أهل البلد قبة جليلة عالية البناء وبنى فيها صهريجا. قلت : مشهد الأنصاري ومشهد الشيخ سعيد ما زالا باقيين معروفين أحدهما في قرية الأنصاري والآخر في قرية الشيخ سعيد أما المشهد الأحمر فلا أثر له ولا يعرفه أحد منا ولا حدثنا به أحد شيوخنا.
تنبيه : كان يوجد قرب مشهد محسن مدرسة تعرف بمدرسة النقيب متاخمة دار المعز وهي غاية في العمارة يقال لها تاج حلب وكانت كثيرة المساكن والمنافع وهي منتزه حلب وفيها بئر ماء يستقي منه من صحنها ومن درجها ومن أعلاها ولها صف خلاوي في أعلاها وتجاهها رواق وبه قناطر مطلة على قويق وحلب وبساتينها وكانت غاية في السعة والإتقان والزخرفة