أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ)(٩٤)
(وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ)(٩١) :
هنا (ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) في ربوبيته برحيميته المقتضية لزاما بعث رسله ، وفي الحج (٧٤) والزمر (٦٧) (ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) في توحيده وألّا شريك له في ألوهيته ، وهذه الآية بما بعدها مربوطة النياط بما قبلها من آيات الحجاج على المشركين الناكرين لرسالة البشر ، وأهل الكتاب الناكرين لهذه الرسالة الأخيرة ، وينكر ثالث أن النبوة وحي من الله على بشر سواء أكان النازل به ملكا أو بشرا!.
إذا ف (ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) تحمل ثالوثا من النكران.
فمن الناس ـ وهم ثالث ثلاثة ـ من يخيل إليهم أن الوحي ارتقاء عقلي للإنسان ، دون إيحاء إلهي خاص ، فالنابغ من الإنسان نابع من عقليته البارعة ما يتسمى وحيا ، فما هو إلّا وحي العقل بنضوجه وارتقائه إلى مرقى الكمال الطليق لحد المعرفة الطليقة حيث لا يبقى له حاجب وستار عن الحقائق.
ولكنهم غفلوا عن أن ذلك خاص بنطاق الكليات العقلية ، فليس