للعقل مهما نضج وعرج معارج الكمال أن يعرف جزئيات الموضوعات والأحكام الموحيات إلى الرسل ، ثم الأحكام لا تتبع كلها المصالح الواقعية فان قسما منها ابتلائية ، إضافة إلى سائر البراهين القاطعة إلى واقع الوحي الرسالي إلى الرسل.
وكما أن قدر الله حق قدره درجات ، كذلك عدم قدره حق قدره دركات ، تعم كافة التقصيرات بجنب الله عقيديا وعمليا وفي لفظ القول.
فقدر الشيء أو الشخص هو منزلته المتميز بها عن غيره ، والمنزلة الربوبية قضيتها ألا يسوى به سواه في أيّ من الأقدار ، فليوحّد في ألوهيته وكافة شؤون ربوبيته المقتضية إرسال رسله وابتعاث خلقه يوم الحساب لتحقيق كامل عدله بينهم.
فحق قدره ليس إلّا كما عرّف نفسه وبين في شرعته ، دون أن يوصف بقدر «فلا يوصف بقدر إلا كان أعظم من ذلك» (١).
إذا ف «إن الله عز وجل لا يقدر أحد قدره» (٢) في ذاته وصفاته وأفعاله ، والواجب على عباده أن يقدروا قدره فيما عرف به نفسه وفيما فرضه أو حرمه.
فحق قدره هو حق وصفه بما حققه تعالى من أوصافه دون انتقاص منها ولا مساس من كرامته ، وصفا معرفيا ووصفا لفظيا ووصفا عمليا ، وفي هذا المثلث يقدر الله حق قدره أم لا يقدر ، فلا نكلف بمعرفته كما هو ، ولا
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧٤٤ عن اصول الكافي عن الفضيل بن يسار قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : ان الله لا يوصف وكيف يوصف وقد قال في كتابه (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) فلا يوصف .. وفيه عن أبي جعفر عليهما السلام مثله.
(٢) المصدر عن إسحاق بن عمار قال قال ابو عبد الله (ع) ان الله ..