ذلك ، فترى ـ بعد ـ أن الله الذي جعل من فوائد النجوم أن يهتدي بها في حوائجنا المعيشية ، انه لم يجعل لنا نجوم الهدى الروحية رسلا وأئمة يهدوننا إلى الله ، فكما لا بد من نجوم الهدى المعيشية دائبة ، كذلك ـ وبأحرى ـ دائب نجوم الهدى الروحية ، فأصلها هو القرآن العظيم ، وفرعها بفصلها هو الثقل الأصغر ، وكما في الخبر : «النجوم آل محمد (ص)» (١).
(قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ـ يعلمون دلالات الآيات على مدلولاتها ، ودلالاتها ككلّ على الخلاق العظيم ، استدلالا بالمحسوس على اللّامحسوس ، وبالمحدود على اللّامحدود ، وبالآفل على غير الآفل الأزلي الأبدي وهو الله تعالى شأنه» (٢).
أجل وذلك الفلك الدائر بشمسه وقمره ونجومه هو من آيات الله البينات (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) كما هي من الغايات المعبودات لقوم لا يعلمون.
ذلك ، وترى ظلمات البر والبحر في هدى النجوم هي فقط الظلمات الحسية؟ وظلمات الأفكار والتصورات في مختلف التطورات هي أظلم من الحسية!.
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧٥٠ عن تفسير القمي ، وهو من الجري والتأويل أو تعميم الدليل.
(٢) عن معاني الأخبار روى الفضيل بن عمرو عن أبي عبد الله (ع) في قوله تعالى : «وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ» قال : وأنا الكلمات فمنها ما ذكرناه ومنها المعرفة بقدم بارئه وتوحيده وتنزيهه عن الشبيه حتى نظر الى الكوكب والقمر والشمس واستدل بأفول كلّ منها على حدوثه وبحدوثه على محدثه ، ثم اعلم ان الحكم بالنجوم خطأ.