هناك نفس أخرى إنسانية أو سواها ، شاركت هذه النفس الواحدة في انتسال نسل الإنسان ككلّ ، اللهم إلّا زوجها المخلوق منها : (الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً ..) (٤ : ١).
ف «أنشأكم» كسائر الأناسي في كلّ الأنسال ، تعني أن ليس في دور الانتسال إلّا نفس واحدة وهنا (خَلَقَ مِنْها زَوْجَها) يثنّي الأصل كمرحلة ثانية وعلى طول الخط.
ثم «أنشأكم» تعم إنشاء الجسم والروح مهما انتشأ الروح عن الجسم : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ).
وهذه الأنفس المنشأة (مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) هي (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) دون حالة لها ثالثة ، فما هما (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ)؟ وقد يروى عن النبي (ص) : أنه قال : «أنبئت بكل مستقر ومستودع من هذه الأمة إلى يوم القيامة كما علم آدم الأسماء كلها»(١).
قد تعني «فمستقر ..» فمنكم مستقر ومنكم مستودع ، وقد تلمح المقابلة بينهما أن «مستودع» هو المؤقت المرجوع ، فالمستقر هو الثابت غير المرجوع.
ثم (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) هما اسما زمان ومكان واسما مفعول ومصدر ، تعني فمن المنشأ في مكان الاستقرار وزمانه وقد أقر ، ثم المصدر هنا غير مناسب.
فمن المنشأ المستقر :
١ ـ من ولد ، ومن المستودع ما أودع في الأصلاب والأرحام ، فلا يخلو
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٣٦ ـ اخرج ابو الشيخ عن عوف قال بلغني ان رسول الله (ص) قال : ...