رؤيته ، حيث المعدوم المطلق أيضا لا تدركه الأبصار وليس بحقه مدحا (١).
ولكن خفي عليه أن امتناع إدراك ذاته هو امتداح لها ، يعني تجرده اللانهائي ، وعدم إبصار المعدوم ليس إلّا لسلب الموضوع ، وأما الموضوع الموجود الممتنع إبصاره للخلق لتجرده اللانهائي ، فذلك له غاية الامتداح.
ولأن «الأبصار» هنا أبصار الخلق ، فإبصاره تعالى ذاته خارج عن سلبية الإبصار لكلّ الأبصار ، فإبصاره تعالى بين ما هو لزام ذاته كإبصاره تعالى ذاته وما هو في حزام وامتناع وهو إبصاره تعالى لخلقه أن يبصروه.
فإبصار المحدود بأية أبصار ممتنع بالنسبة للّامحدود ، ثم إبصار اللّامحدود لذاته هو لزام علمه بذاته ، وإبصار محدود لمحدود ممكن في ذاته.
ففي مثلث الأبصار ، ليست الزاوية الواجبة لتفرض المستحيلة ، ولا المستحيلة لتحيل الواجبة ، كما الممكنة لا تفرض سواها كما لا تحيل!.
وأما أن «الأبصار» جمع الاستغراق وسلبه سلب لذلك الاستغراق اللّامح لثبوت الرؤية لبعض الأبصار؟ فغريب في نوعه ، حيث الاستغراق في موضع السلب استغراق للسلب لا سلب للاستغراق حتى يلمح لثبوت البعض ، ولو عني سلب الاستغراق لكان الصحيح «لا تدركه كل الأبصار».
وكذلك القول إن بالإمكان أن يخلق الله حسا سادسا يوم القيامة به يرى الله؟ حيث الأبصار تعم كافة الحواس والإدراكات الظاهرة والباطنة أينما
__________________
(١) ذكره الفخر الرازي في تفسيره ١٣ : ١٢٤.