يبلغه بعد الهمم ولا يناله حدس الفطن» (٩٢ / ١٨٥).
ف «لم تره العيون فتخبر عنك ، بل كنت قبل الواصفين من خلقك» (١٠٧ / ٢٠٨) ، و«كيف يصف إلهه من يعجز عن صفة مخلوق مثله» (١١٠ / ٢١٨) «فلسنا نعلم كنه عظمتك ، إلا أنا نعلم أنك حي قيوم ، لا تأخذك سنة ولا نوم ، لم ينته إليك نظر ولم يدركك بصر ، أدركت الأبصار ، وأحصيت الأعمال ، وأخذت بالنواصي والأقدام ، وما الذي نرى من خلقك ، ونعجب له من قدرتك ، ونصفه من عظيم سلطانك ، وما تغيب عنا منه ، وقصرت أبصارنا عنه ، وانتهت عقولنا دونه ، وحالت ستور الغيوب بيننا وبينه أعظم ، فمن فرغ قلبه ، وأعمل فكره ، ليعلم كيف أقمت عرشك ، وكيف ذرأت خلقك ، وكيف علقت في الهواء سماواتك ، وكيف مددت على مور الماء أرضك ، رجع طرفه حسيرا ، وعقله مبهورا ، وسمعه والها ، وفكره حائرا» (١٥٨ / ٢٨٠) ف «لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان» (١٧٧ / ٣٢٠).
(قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ)(١٠٤) :
«بصائر» جمع بصيرة ، وعلّها هنا فاعلة مبصرة ومفعولة ، حيث الآيات القرآنية آيات ربانية مبصرة ربانيتها بنفسها ، مبصرة كلّ الحقائق التي يتوجب على المكلفين معرفتها ، وقد تعني «بصائر» كافة البصائر مهما كانت القرآنية منها أعلاها.
تلك البصائر الجائية كلّ المكلفين إلى يوم الدين : (... قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٧ : ٢٠٣) وهي شريعة من الأمر: (ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها ... هذا