بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (٤٥ : ٢٠).
«هذا» هنا إشارة ـ فيما تشير ـ إلى القرآن ككلّ ، وحدة جامعة لآياته ، و«بصائر» خبر للقرآن اعتبارا بآياته البصائر ، والرسول (ص) والذين معه حملا للمسؤولية الرسالية الإسلامية يدعو ويدعون على بصيرة هي بصيرة وحي القرآن : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(١٢ : ١٠٨).
وكما (الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) (٧٥ : ١٤) كذلك آيات الله بصائر ، فكلّ من الداعية والمدعو بصيرة ، دون أية عمى إلّا ما يختلقه الإنسان من غشاوة وغباوة.
فالقرآن ليس بحاجة للشهادة على وحيه إلى بصيرة أخرى دونه ، بل هو الشهيد بين الله وبين الناس لرسالة المرسل به : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ...) (٦ : ١٩).
اجل ، فالبصائر ليست جمع الباصرة الخاصة بالعين الظاهرة ، بل هي جمع البصيرة ، فطرية وعقلية وعلمية وحسية ، بالوحي أماهيه ، فلا عمى فيها اللهم إلّا بتعمية عليها وتجديل ، أو تنحية عنها وتحويل.
فالفطرة الإنسانية بصيرة ، وعقليته بصيرة ، وقلبه بصيرة ، وحواسه بصيرة ، والقرآن بصيرة ، ونبي القرآن بصيرة ، ودعوته بصيرة ، ومصيرته ومسيرته بصيرة ، أبواب ثمان من البصائر الربانية عدد أبواب الجنة فتحت علينا ونحن بعد عمون ، تعمية لهذه البصائر وتجاهلا عنها.
ومما يشهد لعناية البصائر كلّ بصيرة تكوينية وتشريعية «من ربكم» حيث الربوبية للمكلفين تشمل جانبي التكوين والتشريع.
ذلك ، مهما كانت البصائر الأنفسية وسائل صالحة للحصول على