(وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)(١٠٥) :
«وكذلك» المبصر المبصر بالحجة البالغة الدامغة (نُصَرِّفُ الْآياتِ) بوحي القرآن ، وآفاقية وأنفسية ، تصريفا في تكرير البيان ، ردا من حالة إلى أخرى ، تحليقا على كلّ الأحوال المبصرة للعقول والقلوب ، إخراجا لها عن الأوحال في كلّ الأحوال.
ولأن التصريف هو تكثير الصرف : الرد من حال إلى حال ، فتصريف الآيات البصائر هو تكثير ردها إلى مختلف الأحوال المبصرة دون إبقاء لبصيرة على أية حال.
ذلك (وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ) هذه الآيات عن كتابات السماء عند علماءها ، أم أية تقوّلة ليست لتصارع بصائر القرآن ، فلا دور في معرض الفطر والعقول لفرية اختلاق القرآن من دون وحي ، حيث القرآن هو نفسه حجة بالغة لإثبات وحيه لأعلى قممه المرموقة وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ)!.
«ولنبينه» : القرآن ، بتصريف الآيات (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) الحقّ عن الباطل ، (وَلِيَقُولُوا) لهذا الرسول حول قرآنه «درست» قولة ذاهبة في الأثير هباء لا سناد لها ، فليقولوا إذا أين درس ذلك الدرس الذي يفوق كافة دروس الوحي فضلا عن سائرها؟ هل درسه عند علماء الكتاب ، والقرآن مهيمن على وحي الكتاب ، نقضا للمدسوس فيه ، وتكميلا لما نقص ، وترميما لما تقلّص ، فكيف يكون القرآن ـ إذا ـ درسا عن سائر الكتاب بعلمائه أو سواهم ، ولأنه أعلى من كلّ كتب السماء محتدا؟ فليكن كلّ تلميذ أعلم ممن تلمذ عليه! إذا فلتكن التورات درسا عن أساطير الأولين اكتتبها موسى فهي تملى عليه بكرة وأصيلا!.
وليكن ـ كذلك ـ كلّ كتاب نابغ نابعا عما دونه من كتاب ، وهكذا