الأمر في كلّ ناصع واصب من العلوم والأفكار ، نابعة من منابع خليطة بكلّ غث وسمين وكلّ خائن وأمين!.
وكيف يقولون «درست»؟ (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) (٢٩ : ٤٨) (فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (١٠ : ١٦).
(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (١٦ : ١٠٣) ـ (وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً. قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) (٢٥ : ٦)(١).
أجل إنه (ص) درس القرآن ولكن أين؟ في مدرسة الوحي القمة ، عند الله الذي يعلم السر في السماوات والأرض ، كما نعلم ذلك العلم السرّ في القرآن.
فكلّ تلميذ يعرف محتده الدراسي من درسه نفسه ، فيعرف من هو الذي علّمه ، ودرس القرآن لا يناسب إلّا ساحة الربوبية في أعلى قمم الوحي الرباني.
وهكذا كان المرسلون يستدلون لرسالتهم الربانية بربانية أقوالهم وأحوالهم وأعمالهم كما نسمع رسل المسيح من الله قائلين أمام الناكرين : (رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) (٣٦ : ١٦) حيث يوجّهون في ذلك البرهان العطيف اللطيف أنظار الناكرين إلى حالاتهم ومقالاتهم ، برهنة بها على محتد من أرسلهم.
__________________
(١) راجع الفرقان في تفسير هذه الآيات لزيادة الاطلاع على فرية الاكتتاب والدراسة المحمدية والرد عليها.