العطف والاستئناف جمعا بين الغاية والأمر ، والحاصل هو مثلث المحتملات.
اجل «وكذلك» العميق الهدى العريق المدى (نُصَرِّفُ الْآياتِ) حجة بالغة لا تبقى معه حجة لمن يقول «درست» وتكون حجة (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).
وهكذا تكون حجة الله البالغة قاطعة للأعذار حيث لا يتبقى معها أية عاذرة إلّا ماردة شاردة غادرة.
ذلك ، وكيف تعقل فرية درس القرآن بما ليس نابعا من بيئتهم ولا بيئة أهل الكتاب ، فلا عهد للبشر على طول زمن الرسالات ـ فضلا عن سواها ـ أن يجدوا ذلك المستوى السامق الشاهق الرفيع في صيغة التعبير وصبغة المعنى المعبر عنه ، فقد ينتهي ذلك التصريف الظريف في مختلف التحرّي عن الحق والتجري عليه ، إلى نتيجتين متقابلتين : «درست» و (لِنُبَيِّنَهُ ...) فأما الذين لا يريدون الهدى ، العائشون الردى ، فهؤلاء هم يحاولون أن يجدوا تعليلا لهذا القرآن ، وغايتها (دَرَسْتَ) المنكرة في كافة الأعراف كتابية وسواها ، إذ ما كان أحد من علماء الكتاب يعرف ذلك المستوى ، حيث المسافة شاسعة بينه وبين سائر الكتب السماوية فضلا عما سواها.
فالعلم ـ فطريا وعقليا وفكريا وتجريبيا ـ فضلا عن علم الكتاب ـ يصدق وحي القرآن : (وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) أية مرحلة من مراحله هذه.
وأما الذين يقولون «درست» فقد درست عنهم معالم الهدى حيث تجاهلوا عن كلّ بنود العلم والمعرفة ، واثّاقلوا وأخلدوا إلى أرض الجهالة والغباوة.
وحين ينقسم المرسل إليهم بهذا القرآن فريقين إثنين ، يصدر أمر الله