العلي العلوي أن يتبع ما أوحي إليه ، وكفاه حجة بالغة في كلّ الحقول ، صوغا لحياته ـ ككلّ ـ بصياغته ، وصبغا لها بصبغته ، إذ لا حجة له أبلغ من حجته طمأنة لخاطره الشريف بذلك الوحي الظريف الطريف دون فشل ولا فتور من تقولهم «درست» وما أشبه فانه هباء في العراء ونقش في الماء والهواء.
ف (كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ)(فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) وما تلكم القيلات الغائلات على القرآن مما تغتاله.
(اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (١٠٦) :
«اتبع» رسوليا ورساليا (ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) من كتابه (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) يوحي إليك غيره (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) بعد كامل الإنذار بحجج الله ، إعراضا عن الإشتغال بهم بعد الإياس ، وعن أن تأسف لهم أو عن أذاهم إذ (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ).
و«من ربك» هنا دون «الله» أو (رَبِّ الْعالَمِينَ) تعبيرة قاصدة ، أن الذي رباك بتلك التربية الغالية هو الذي يرعاك في تلك الدعاية الرسالية ، دونما فشل ، فجدّ في مصيرك بمسيرك دونما أية وقفة فربك يرعاك ولن تجد من دونه ملتحدا.
وقد تعني (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) بعد أمر الإتباع ـ فيما عنت وقبل امر الإعراض ـ أن عليك أن تحور حور ذلك المحور الوحيد من التوحيد ، فلا يزعزعك الطوارئ القواصف ، ولا تحركك العواصف ، فلا يعني الإعراض عنهم ـ فيما عنى ـ الرضا بإشراكهم حين لا تؤثر فيهم دعوتك ، فعلى الداعية أن يعلّق أمله وعمله بالذين يسمعون الدعوة مهما