فيتردون في الردى فهم (فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ).
فلا يعني تقليب قلوبهم وأبصارهم إزالتها عن مواضعها وإقلاعها عن مناصبها ، والبنية حية صحيحة متصرفة ، وإنما يعني رميها بالحيرة والمتاهة جزاء على الكفر والضلالة فتصبح الأفئدة مسترجعة لتعاظم أسباب المخاوف ، والأبصار منزعجة لتوقع طلوع المكاره في الأولى ، وتقليبها على قراميص الجمر في النار في الأخرى.
وهنا «أوّل مرة» هو المرة الأولى من مجيئهم آيات بينات ، وهي القرآن العظيم لهؤلاء ، وسائر الآيات قبل القرآن لمن عاشوها زمن سائر الرسالات.
فكما أن آباءهم أولاء لم يؤمنوا بالآيات المبصرة المبصرة من ذي قبل ، وهم أنفسهم لم يؤمنوا بالقرآن الذي هو أم الآيات ، لذلك (نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ ..).
ولئن سأل سائل أن لو آمنوا بآيات مقترحة فلما ذا إذا تقليب قلوبهم وأبصارهم حتى لا يؤمنوا؟.
والجواب أن ذلك ـ لو كان ـ فهو من قاحل الإيمان ، رفضا للإيمان بآيات يرضاها الله ، وإقبالا إلى آيات يشتهونها ، وهكذا إيمان مهما حمل لفظه فهو حامل في الحق رفضه ، فلذلك «نقلب».
وكيف لا وهم القوّالون «درست» اندراسا لأفضل آية رسالية وأكملها ، وكيف يجتمع الإيمان بالله بآية مقترحة والكفر بآية حقة ربانية تدل دلالة قاطعة؟.
__________________
أقول : الميثاق حيث يعني الميثاق الفطري والعقلي وما أشبه فمعلوم ، وأما الذر فان كان هو الميثاق الفطري وإلّا فلا تكليف في عالم قبل الخلق حتى يكون هنالك ايمان وكفر.