وهناك «أرسلنا وقيضنا» على الكافرين سلبا لأي توفيق لهم إذ لا يستحقون ، ولأنهم قرناءهم في شيطناتهم : (وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ ..) (٤١ : ٢٥) (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) (١٩ : ٨٣).
فمختلف الجعل هناك والتقييض والإرسال هنا ، يجعل مختلف الدور والظرف بين النبيين والكافرين.
فلا دور لشياطين الإنس والجن إلّا تجاوب الوحي بزخرف القول غرورا في الفرية على النبيين ، وذلك من إلقاءهم في أمنيات النبيين (فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ ..)(١).
وذلك الوحي الباطل الحامل لزخرف القول غرورا هو من بعضهم الرؤساء إلى البعض المرئوسين قولا يزخرفونه بمظاهر الحق المرام ، غرورا لهؤلاء الأتباع حتى يتم أبعاد العداء في تلك الإيحاء الشورى الشيطاني ، ويطم في فاعليته إلقاء في أمنيات النبيين (فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
والوحي ـ كأصل ـ هو إشارة في رمز ، لخير كما لله وأهله إلى أهله ، أم لشر كما لشياطين الإنس والجن حيث يرمزون الشر إلى بعضهم البعض تشاورا وتعليما وتعلما ، ولكي يضلوا سائر الإنس والجن.
ف «كذلك» من تقليب القلوب والأبصار لهؤلاء المكذبين الأنكاد ،
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧٥٨ عن تفسير القمي في الآية حدثني أبي عن الحسين بن سعيد عن علي بن أبي حمزة عن بعض رجاله عن أبي عبد الله (ع) قال : ما بعث الله نبيا إلّا وفي أمته شيطانان يؤذيانه ويضلان الناس بعده فأما صاحبا نوح فقنطيقوس وحزام وأما صاحب ابراهيم فمكثل وزرام واما صاحبا موسى فالسامري ومر عقيبا واما صاحبا عيسى فبولس ومرتيون وأما صاحبا محمد (ص) فحبتر وزريق.