ذرية سائر الجن؟ ، «أتتخذونه وذريته أولياء وهم لكم عدو» تؤيد الأوّل ، فسائر الجن ليسوا من الشياطين مهما فسقوا ، فهم طرائق قدد ، لا يولد شيطان منهم إلّا من شيطان : (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) (٧٢ : ١١).
ذلك مهما كان الشيطان الأول هو من الجن : (.. إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) (١٨ : ٥٠).
فرغم أن في الإنس قد يولد شيطان من مؤمن أو مؤمن من شيطان ، فليس في الجن هكذا توالد ، فإنما يولد شياطين الجن من أنفسهم ، والوالد الأول فيهم هو إبليس الشيطان الأول رأس زوايا الشيطنة.
ذلك ، وقد تعني (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ) ـ إلى ما عنت ـ الشياطين المختصين بإضلال الإنس ، والآخرين المختصين بإضلال الجن ، من اضافة الصفة إلى مفعوله ، إذا فشياطين الجن فريقان مقتسمان بين الإنس والجن ليضلوهم ، فكما أن شياطين الإنس يضلون الإنس والجن ، كذلك شياطين الجن يضلون الجن والانس ، شيطنات مدروسة موحاة ومستوحاة فيما بينهم ، تحلّق على الإنس والجن أصلية وفرعية.
فالوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس ، ذلك الوسواس أعم من الجنة والناس دون اختصاص بجنة أو ناس ، وسوسة من الشياطين بمختلف صنوفهم كما إلى صدور الجنة ، كذلك إلى صدور الناس.
فهنا (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) توحي أنهم يوسوس بعضهم إلى بعض تضليلا له أكثر مما هو ، ثم تشجيعا لتضليل الآخرين من الإنس والجن.