المحسوس لهم فضلا عن غير المحسوس بالحواس البشرية ، فمن التحكّم والتبجّح أن ينفي أحد باسم «العلم» كائنات غير محسوسة به ، رغم قاطع البرهان على كونها.
فكما أن من شياطين الإنس غير محسوس كالأنفس الأمارة بالسوء ، الموسوسة في الصدور حيث نلمسها نفسيا مهما لا نلمسها حسيا ، كذلك شياطين الجن غير المحسوسين بواقعهم ، ف (إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ) (٧ : ٢٧) بهذه الأبصار البشرية.
فكما أن وحي الفطرة والعقلية ووحي العلم والشرعة الربانية أثبتت وجود الله وهو غير محسوس ولا مدرك بأي إدراك ، كذلك وحي الشرعة أثبتت لنا وجود الملائكة والجن وسائر الغيب ، ومن ميّزات الإنسان ومن أشبهه الإيمان بالغيب قضية براهينه الساطعة.
ذلك وإن معركة الكفاح بين المؤمنين والشياطين معركة مصيرية ، تتجمع فيها من ناحية تخطيطات الشيطنات لإمضاء خطة مقررة مغرّرة هي معاداة الحق الممثّل في النبيين وسائر عباد الله الصالحين ، يمد بعضهم بعضا بكلّ وسائل الخداع والإعلام ، امتدادا للضلالة الموحاة بين بعضهم إلى بعض ، وإلى سائر عباد الله لينضموا إلى حزبهم فيحلّق الشر على الكون كله.
ولكنه كيد غير طليق فإن ربك لهم بالمرصاد ، وإن حملة الرسالات إلهية برصيد الرسالة بكلّ المساعي الرسالية ـ لهم بالمرصاد.
وحين يتقاعد المؤمنون ويتقاعسون فهم الذين يخسرون أنفسهم ويخسرون ، وأما الله بشرعته وآياته فلا يخسر ، ولكن الله لم يشرّع شرعته لنفسه أن يتشرع بها ويحققها في نفسه ، فإنما (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ) ولها حفيظان اثنان : حفيظ رباني يحفظها في قلوب المتشرعين ، وحفيظ منّا