للحق عن الباطل ، دون أيّة عماية ولا غواية : (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٦ : ٩٧) (.. لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) (٩٨) (... لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) (١٢٦) (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (١٠ : ٢٤) (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٣٠ : ٢٨) و (لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) (١٣ : ٢) وعلى الجملة (وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً) (١٧ : ١٢) لكلّ من ألقى السمع وهو شهيد.
أترى حين يكون القرآن مفصلا في نفسه وبنفسه ، ونورا ومنيرا وتبيانا لكلّ شيء فما هو الحاجة إلى مفسر سواه يفصله تفسيرا ، اللهم إلّا بيانا لتأويله وتبيانا!.
ذلك ، ولأن «حكما» هو الحاكم الحكيم الفضل العليم فلا يقضي إلّا بالحق المطلق ، وليس هو إلّا الله ، أو المرسل من عند الله فإنه حكم بحكم الله.
ومن حكمته تعالى إنزال الكتاب مفصلا ، تبيينا لمعانيه كأفضله دون أي تخليط وتداخل ، وهو أفضل شهيد على حكمته تعالى الوحيدة غير الوهيدة.
لذلك (وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ) فإنهم عارفون طبيعة وحي الكتاب ولغته ، والقرآن هو القمة المرموقة منه ، إضافة إلى بشارات الكتاب المحلّقة على قرآن محمد ومحمد القرآن (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) أيها الناظر إلى القرآن نبيا وسواه ، فالنهي بالنسبة للنبي تأكيد للبقاء على إيقانه القمة ، من باب التهييج والإلهاب ك (لا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) أو لا تكونن من الممترين ف (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ) أو من باب (إياك اعني واسمعي يا جاره) فما امترى رسول الهدى (ص) في رسالته لحظة ما ، وقد روي أنه (ص) عند ما نزل عليه (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ