المُمْتَرِينَ) قال (ص): لا أشك ولا أسأل ، تدليلا على أنه لا واقع لشكه وامتراءه ، فإنما يعني من هذه السلبية المؤكدة غيره شخصيا.
ثم ولغيره تثبيت لدلالة «الكتاب» والقرآن نفسه على وحي القرآن ، وقد يتأيد ب (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ ..) فهنا أيضا قل (فَلا تَكُونَنَّ) أيها الناظر إلى القرآن (مِنَ الْمُمْتَرِينَ) في هذه الرسالة السامية ، وتأكيد النهي هو بمناسبة أكيد الآية القاطعة لهذه الرسالة قرآنا ورسولا.
إذا ف (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ ..) تحوّل في الخطاب إلى صاحب الخطاب العتاب.
واستفهام الإنكار هذا (أَفَغَيْرَ اللهِ ..) موجّه إلى هؤلاء الذين يتطلبون آية على هذه الرسالة السامية ، ويكأن القرآن ليس آية ، وهو الآية الأم بين كافة آيات الرسالات ، فتركه كآية رسالية شاملة ترك لآيات الله كلها ، أفتريدون أن ابتغي حكما لرسالتي غير الله ، وهو الحكم عليها بالقرآن؟! وهو أكبر شهيد بيني وبينكم فأنى تؤفكون (أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ)!.
ذلك ، و (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) هي كما هنا استدلال بشاهدي رسالته : القرآن وسائر الكتاب.
(وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)(١١٥) :
إن (كَلِمَةُ رَبِّكَ) الدالة على رسالتك العظيمة الغالية ، الشاملة لكلّ ما يحتاجه المكلفون منذ بزوغها إلى يوم الدين ، إنها تمت بهذا القرآن العظيم ، «تمت .. صدقا» و«تمت .. عدلا» فكلّ قضايا الصدق والعدل الرباني مدلولة لكلمات ربك : القرآن ونبيّه (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) السالفة على أنبياءه رغم أنها كانت محددة لزمن خاص فضلا عن هذه الكلمة التامة الخالدة.