وهنا (كَلِمَةُ رَبِّكَ) بإفراد تعني محمدا والقرآن فإنهما كلمة واحدة تحملان هذه الشرعة الأخيرة شرعة وداعية.
صحيح أن كلمات الرب رسوليا ورساليا على مدار الزمن تامة صدقا وعدلا ، ولكنها تمامية صالحة لردح من الزمن لكلّ رسول برسالته ، وليست تمامية طليقة ، ف «تمت» هنا تعني التمامية الطليقة التي ليس فوقها تمام ، فليس معها أو بعدها كلمة رسولية أو رسالية إلى يوم الدين ، إذ لا مبدل لهذه الكلمة إلهيا ولا خلقيا ، مهما كان لسائر الكلمات الربانية مبدل إلهي ، ف (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) تستغرق أي تبديل للكلمة الأخيرة ، وتختص سلب التبديل الحق في سائر كلماته بغير الإلهية حيث تبدّلت إلهيا ، كما وتبدلت بشريا بغير حق ، ولكن هذه الكلمة لا مبدل لها إلهيا ، ولا بشريا لا حقّا ولا باطلا إذ لا تحريف فيها ولا تجديف.
اجل فلا مبدل لها ربانيا فضلا عن مبدل سواه (وَهُوَ السَّمِيعُ) مقالات الممترين «العليم» بحالاتهم ، سمعا وعلما بكلّ مجالاتهم وبما يقوله أهل الحق ويعلمون ويعملون.
فهنا «كلمة» ـ جنسا ـ تعم كافة الدالات والدلالات الرسولية والرسالية أمّاهيه ، الدالة على كامل الربوبية تكوينية وتشريعية في هذه الرسالة الأخيرة و«ربك» ـ دون (رَبِّ الْعالَمِينَ) وما أشبه ـ تلمح إلى بالغ الربوبية ، المتمثلة في التربية المحمدية رسوليا ورساليا فانها القمة العالية منها ، ف (تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ) إذا ختم للتربيات الربانية في كلّ حلقاتها وحقولها ، فلا تمام بعدها ولا تبديل ، مما يبرهن على خاتمية خاتم النبيين رسوليا وخاتمية القرآن رساليا ، وكلّ ذلك (صِدْقاً وَعَدْلاً) فليس بعد تمام كلمت ربك صدقا وعدلا إلّا كلمة الشيطان كذبا وظلما ، وهي كافة المختلقات الزور والغرور من كتابات وسواها بعد القرآن مما يدعى كونه وحيا.