أجل (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ) في كلّ مصاديقها الصادقة لفظية أو عينية ، فحين يكون المسيح كلمة من الله كما هو رسوله جمعا بين كلمتي الرسالة والآية الرسالية : (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ) (٤ : ١٧١) فمحمد (ص) بقرآنه العظيم أحرى تماما وكمالا وختما للكلمات الرسولية والرسالية ، فلا آية بعد القرآن كما لا رسالة بعد رسول القرآن.
وحين (ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ) (٢ : ١٢٤) فابتلاء محمد (ص) بكلمات أنبل وأعلى حيث تمت بها الكلمات.
إذا فيا متمم الكلمات في نفسه وفي كتابه ، في ابتلاءاته وكلّ كلماته (وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) (١٨ : ٢٧) ، وذلك ، لأنها (كَلِمَةُ رَبِّكَ) فكما أنك (أَوَّلُ الْعابِدِينَ) والعارفين لربك بتربيتك القمة ، كذلك (كَلِمَةُ رَبِّكَ) لك ولكلّ العالمين إلى يوم الدين.
فذلك التمام تمام في كلّ حقوله ، زمنا وكمالا وحالا ومآلا وعلى أية حال ، والكلمة العليا في هذه الرسالة هي (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) حيث تحلّق على كلّ جنباتها لأتم درجاتها ومنها كسر الأصنام بكلّ صنوفها وصفوفها ، فقد «دخل النبي (ص) المسجد الحرام يوم فتح مكة ومعه مخصرة ولكل قوم منهم صنم يعبدونه فجعل يأتيها صنما صنما ويطعن في صدر الصنم بعصا ثم يعقره كلما صرع صنم أتبعه الناس ضربا بالفؤوس حتى يكسرونه ويطرحونه خارجا من المسجد والنبي (ص) يقول : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)(١).
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٤٠ ـ اخرج ابن مردويه عن أبي اليمان جابر بن عبد الله قال دخل النبي (ص) ..