مختلفون في استحقاق النار بين هذا المثلث بمراحل متفاضلة لكلّ ضلع ضليع.
وقد يلمح طليق (اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ) لإمكانية متعة الجنس ـ وما أشبه ـ بينهما ، إلى سائر المتع المحظورة ، من متع الخدمة والاستخدام والاستعلام في خفايا الأمور ، إلى سائر الشيطنات أعاذنا الله منها.
ذلك وفي رجعة أخرى إلى الآية نرى أن المشهد يبدأ معروضا في المستقبل (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ ...) ولكن تقدير «يقول» يحوّل السياق من مستقبل ينتظر إلى واقع ينظر.
(يا مَعْشَرَ الْجِنِّ ...) وكأنهم الآن حضور (قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ) تنديد شديد باستكثارهم في إضلالهم قصدا إلى تسجيل تلكم الجريمة النكراء في نفس الأجل المؤجل لهم.
ثم لا نجد هنا جوابا من الجن حيث المظلّل ليس له عذر ، ولكن قد يخيّل إلى المضلّل عذر ما زعم أنه مستضعف في ذلك الحقل : (رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ ...) إقرار بالغفلة العاطلة والغفوة الباطلة التي جعلت فيهم مجالا لذلك الاستمتاع المزدوج ، مدخلا للشياطين إلى نفوسهم في (أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا) فمن منفذ الاستمتاع دخل فيهم الشياطين ، حيث كانوا يتمتعون باستهواءهم والعبث بهم ، كما كان الإنس يتمتع بذلك الاستهواء ، وكأنها معاملة بين الجانبين في مختلف المتع المحظورة حتى (بَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا) محتوما أو معلقا ، مختوما أو مغلقا.
(وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)(١٢٩) :
«وكذلك» الاستمتاع المتبادل (نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً) تولية للظالمين المضلّلين ولاية على الظالمين المضلّلين : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ