هي كلّها تخلّف عن رسالة الله ، إذ لا تفويض إياه في أي حكم روحي أو زمني ، وإنما (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) ليس إلّا.
فقد بيّن الله في كتابه وسنة نبيه كلما تحتاج إليه الأمة إلى يوم القيامة من احكام أولية أو ثانوية أماهيه وليس للرسول (ص) فضلا عن الفقهاء سنّ أحكام من عند أنفسهم. وطنطنة أصالة أصول الدين ومنها الولاية الرسالية المحولة إلى فقهاء الأمة ، وأن الفروع هي فروع لها ، فلتتقدم ولاية الفقيه التشريعية على الأحكام الفرعية ، إنها طنطنة حمقاء والله منها براء ، حيث الرسالة التي هي من أصول الدين لا تعني في أصلها إلّا بيان الوحي الرسالي ، فأين المعارضة بين الرسالة وأحكامها حتى يأتي دور تقدم الأصل على الفرع؟ ثم ولا أصالة للرسالة إلّا بيان أحكام الله دون مناحرة لها بمصلحيات مختلقة ، فلو أن الرسول تخلف عن حكم من أحكام الله لخرج عن الرسالة إلى الربوبية.
ومن ثم إن قضية خلود الشرعة الإسلامية عدم التبدل في أحكامها ولا قيد شعرة ، فالله نفسه إذ ختم دينه بهذه الشرعة لا يرى لنفسه ولاية تشريعية في تبديلها ، فكيف تكون هذه الولاية المصلحية لفقهاء الأمة؟!.
كلّا وألف كلّا ، فان الضوابط المسرودة في الكتاب والسنة فيها الكفاية للمكلفين إلى يوم الدين ، وليس للفقيه إلّا استفراغ الوسع لاستنباطها من الكتاب والسنة.
(وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ)(١٣٩) :
(ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ) قد تعم ألبانها إلى أجنّتها إلّا أن الألبان هي ـ بالفعل ـ في الضروع لا في البطون ، مهما كان أصلها في البطون ،