على غيره ، أو تفريطا فيه إفراطا على غيره ، حيث القرابة ليست بالتي تحوّل القول عن العدل ، فالحق لا يعرف قريبا عن غريب ، كما الباطل لا يعرف غريبا عن قريب ، ففي حقل الشهادة وهي أخطر الحقول نجد الله تعالى يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (٤ : ١٣٥).
وفي حقل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقول : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) (١٦ : ١٢٥) وهكذا الأمر في كافة الحقول قولا باللسان أم بالكتابة أم بالأركان ، فالميزان الوحيد في الكلّ هو العدل ، دون نقيصة فإنها الظلم ، وإن كان مزيد فهو فضل.
٩ ـ (وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا) عهدا في الفطر والعقول والشرائع الإلهية ، فيما عهده لنفسه علينا من توحيده وطاعته وعبادته ، وهنا (بِعَهْدِ اللهِ) عهد علينا : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (٣٦ : ٦٠).
وعهدا منا له علينا وهنا (بِعَهْدِ اللهِ) عهدنا له علينا فيما سمح لنا : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ) (١٦ : ٩١) ـ (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) (٣٣ : ٢٣) ، وعهودا فيما بيننا حيث يمضيها الله وهنا (بِعَهْدِ اللهِ) ما أمضاه بيننا ، فإيجاب الوفاء بعهد الله هو مثلثة الجهات كما العقود : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) و«العهد» : (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً) (١٧ : ٣٤).
ذلك ، وفي تقديم الظرف : (بِعَهْدِ اللهِ) على المظروف : «أوفوا» تقديم للزاوية العليا من مثلث العهود على الأخريين ، أن نفي بعهده علينا