ثم بعهدنا له ، ومن ثم بعهودنا فيما بيننا ، وقد سبق من عهد الله عهد التوحيد والإحسان بالوالدين وعدم القتل إلّا بالحق وعدم قرب الفواحش وعدم قرب مال اليتيم إلّا بالتي هي أحسن والإيفاء بالكيل والميزان.
«ذلكم» الأربع من أحكام الشرعة (وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ما كتب في كتاب الفطرة والعقلية السليمة من الست الأصلية التي وصاكم به لعلكم تعقلون.
١٠ ـ (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (١٥٣) :
«هذا» الذي وصاكم به من الخمس الأولى وهي النواميس الخمس والأربع الأخرى التي تكملها وهذا القرآن الحاوي لمسالك الهدى ، (وَأَنَّ هذا صِراطِي) الخاص بي للسالكين إليّ حالكونه «مستقيما» لا عوج له أصليا وفرعيا «فاتبعوه» فإنه السبيل المستقيم بين سائر السبل (وَلا تَتَّبِعُوا) سائر (السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) : الصراط المستقيم «ذلكم» الصراط الحق وحق الصراط (وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) سائر السبل ، والسبل هي الطرق ، ولا تتفرق هي بهم ، وإنما هم الذين يفارقون نهجها ويتبعون عوجها.
فصراط الله واحد والسبل إليه عدة هي درجات ، وهذه سبل المؤمنين ، ثم تقابلها سبل المغضوب عليهم والضالين ، وهما المعنيّان بالسبل المنهي عنها في «لا تتبعوا».
وقد تعني «صراطي» إلى صراط الله صراط رسول الله إلى الله ، فإنه من قوله حسب الأمر : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ... وَأَنَّ هذا صِراطِي) مهما كان الصراط هو صراط الله ، ولكن الرسول الهادي اليه المهتدي به وهو على صراط مستقيم ، له الصراط رسوليا ورساليا ، كيف لا وهو من أنعم المنعم