عليهم : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (٤ : ٦٩).
وقد نستدعي ليل نهار أن يهدينا ربنا إلى صراطهم : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ).
ذلك ولكن نسبة الصراط إلى الله هي نسبة المسلوك إليه ، ونسبته إلى هؤلاء المنعم عليهم هي نسبته إلى سالكه ، فصراط الله لنا هو الذي قرره لنسلكه إليه ، وصراطه هو الذي نسلكه إلى الله.
إذا ف «صراطي» نسبة إلى الله هو الأول ، ونسبة إلى الرسول هو الثاني ، ثم ونسبة إلى سائر السلّاك ليست إلّا على ضوء صراط الرسول بما يهدي الله ، وصراط الرب في ربوبيته خاص به لا يعدوه إلى سواه (إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) والصراط إلى الرب خاص بالمربوبين لا يعدوهم إليه.
في هذه العشر مما (حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) لا نجد صراح النهي التحريم إلّا في خمس هي الإشراك بالله وقتل الأولاد من إملاق وقرب الفواحش وقتل النفس المحترمة وقرب مال اليتيم إلّا بالتي هي أحسن ، كأكبر المحرمات في حقل العقيدة والنفس والعرض والمال والعقل ، وهي النواميس الأصلية التي يجب الحفاظ عليها في كافة الشرائع الإلهية.
ثم الخمس الأخرى لا تدل على التحريم إلّا بصيغة إيجاب أضدادها (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) ـ (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ) ـ (وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا) ـ (وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا) ـ (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ) إذا فالمحرم فيها ترك الإحسان بالوالدين ، وبخس المكيال والميزان ، وترك العدل في القول ، ونقض عهد الله ، واتباع سائر السبل ، مما يدل على أن الأمر بالشيء لزامه النهي