والسحر والآية البينة ، فقد جاءت العقيدة السليمة الاسلامية لتقذف بالحق على الباطل فتدمغه فإذا هو زاهق ولهم الويل مما يصفون ، تخليصا لصورة الرسالة وسيرتها عن صورتها المسطرة في الأوهام ، وسيرتها المتخيلة بين الأنام.
حقيقة للرسالة حقيقة بالاتباع ، خارجة عن إفراط المفرطين ترفيعا لها عما لها ، وعن تفريط المفرّطين تقريعا لها عما يحق فيها ، وترقيعا بخلق وخلق لا تحق لها :
(قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ) (٥٠) :
هنا سلبيات ثلاث بعدها إثباتية واحدة هي هي ـ فقط ـ الرسالة دون زائدة ولا ناقصة إلّا بائدة ناقضة.
١ ـ (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ) فهلّا تكون قضية «لا أقول» نفس السلبية الواقعية؟ أم (عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ) ولكنه نهي عن أن يقوله؟.
لو أن عنده خزائن الله كواجب أو راجح رسولي أو رسالي لكان من المفروض أن يقوله تحديثا بنعمة ربه (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) وتثبيتا أكثر مما ثبت لرسالته ، ف «لا أقول» إذ ليس عنده خزائن الله لا أصليا ولا تخويلا ، فمطلق العندية هنا مسلوبة عنه.
فما خزائنه تعالى علما وقدرة ورحمة أمامية إلّا عنده نفسه سبحانه وتعالى عما يشركون ، ف (لِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ) (٦٣ : ٧) (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (١٥ : ٢١) (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ) (٣٨ : ٩) (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ