الْمُشْرِكِينَ ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) (٣٠ : ٣٢) (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) (٣ : ١٠٥) فقد (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ..) (٤٢ : ١٣).
أجل و (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ) مؤمنين إلى مشركين ومشركين إلى مؤمنين (وَكانُوا شِيَعاً) متفرقين منذ كانوا أم منذ مديد من الزمن ، فشرعة الشيع هي التي تنحو منحى تفريق الدين : تفرقا على تفرق (ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ)! (لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) فإنك رسول التوحيد ، فلا أمر لك معهم سلبا أو إيجابا حيث لا ينحون نحو الوحدة لا نصيب لك منهم إذ لست منهم في شيء من الحق ، حيث لا نصيب من الحق في حقل تفرق الدين وتمزّق اليقين ، فليس لك شيء من أمرهم المفرق لمكان المفاصلة التامة بين الدين الموحّد والدين المفرّق اللهم إلّا أن يثوبوا إلى الدين الموحّد الحق.
ف (إِنَّما أَمْرُهُمْ) الإمر (إِلَى اللهِ) في يوم الله (ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) من شيعهم وتفرقهم في دينهم ، إنباء بحقيقة باطلهم حيث تظهر يوم تبلى السرائر ، وإنباء بجزاءهم الذي هو في الحق تفرقهم عن الحق وتفرقهم في الحق.
وترى الذين وحدوا دينهم لغير الله طاعة لطاغوت واحد فلم يفرقوه ، أليسوا هم معهم من الموبّخين؟ (فَرَّقُوا دِينَهُمْ) تعم هؤلاء وإياهم حيث فرقوا طاعتهم عن طاعة الله ، ف «دينهم» إن كانت طاعة الله فهي تفرقة في طاعة الله بسائر التفرقات ومنها (نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ) كما منها طاعة الله في بعض وطاعة أهواءهم في بعض ، وإن كان طاعة غير الله فهي المفرقة عن بكرتها عن طاعة الله.