فإن دين الفطرة والعقلية السليمة هو حقا دين الحق ، والتخلف عن ذلك الدين هو تفرق الدين عن قضية الفطرة والعقلية.
إذا ف (فَرَّقُوا دِينَهُمْ) تعم دينهم الطاعة الباطلة حيث فرقوها عن الدين الحق ، ودينهم الفطري إذ فرقوا عنه قضيتها ، ودينهم الطاعة الحق حين يفرقون فيها فيتفرقون بمختلف التفرقات والتفرّقات ، حيث الزوايا الثلاث هي كلها فارغات عن الحق المرام ، وكضابطة ثابتة ليس تفريق الدين محظورا إلّا ما نحي منحى الباطل تقصيرا في الدين الحق ، فتفريق الحق عن الباطل فرض على أهل الحق مهما فرق بين أهل الحق المجاهيل ، والتوحيد في الحق فرض مهما حاول المدعون الحق في الفرقة بين أهل الحق.
ولو أن التفريق ـ ككلّ ـ كان محظورا لكانت الدعوات المفرقة الرسالية بين المؤمنين والكافرين محظورة ، فانما التفريق القاصد الظالم هو المحظور المحظور.
وبصيغة واحدة التفرق في دين الله كما التفرق عن دين الله هو فراق فارغ عن دين الله ف (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (٣ : ١٩) (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) (٣ : ٨٥).
فالمفرقون دينهم عن دين الله ، والمفرقون بين دين الله ، تفريقا بين الله وبين رسل الله (وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ) (٤ : ١٥٠).
أم تفريقا بين رسل الله ، أم بين رسالات الله (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) (٤ : ١٥٢) ، أم اي تفريق يناحر طبيعة دين الله الموحّد وهو الإسلام لله ، هؤلاء كلهم من (الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ) مهما كانوا دركات كما المسلمون لله درجات.