هؤلاء المفرقون دينهم (لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) من دينهم ، لأنك داعية الوحدة والتوحيد ، وكلّ شيء منك كرسول موحّد يختلف عن كلّ شيء منهم مفرقين (إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ) لا إليك حيث نفضت يديك عن بلاغهم المفروض وليس عليك إبلاغهم واقعيا إلى الحق ف (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (٢٨ : ٥٦) (ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ).
فاليهود والنصارى على تفرقهم إياي سبا في دينهم هم من الذين فرقوا دينهم عن دين الإسلام وكانوا قبل ذلك شيعا متفرقة في دينهم ، ومنهم «أهل البدع والأهواء من هذه الأمة لا» (١) والخوارج (٢) ، ومن هؤلاء هم الذين فارقوا باب مدينة علم النبي (ص) عليا (ع) وصاروا أحزابا (٣) كما منهم الشيعة الذين لم يشايعوه كما يحق فأصبحوا عليه شينا وشنيعة ، ولا سيما العلماء المتفرقون عن كتاب الله كأصل ، فمفرّقون أتباعهم أيادي سبا إذ لم يرتكنوا إلى ركن وثيق ، هو بالاتباع الطليق حقيق ، تاركين للاعتصام بحبل الله ، معتصمين بظنونات ومشكوكات ، معتبرين إياها حججا وليست إلّا لججا غامرة هامرة.
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٦٣ ـ اخرج الحكيم الترمذي وابن جرير والطبراني والشيرازي في الألقاب وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي (ص) في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً) قال : هم اهل البدع والأهواء من هذه الأمة.
(٢) المصدر عن أبي امامة عن رسول الله (ص) انهم الخوارج ، وفيه عن عمر بن الخطاب ان رسول الله (ص) قال لعائشة يا عائش : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً) هم أصحاب البدع وأصحاب الأهواء واصحاب الضلالة من هذه الأمة ليست لهم توبة يا عائشة إن لكلّ صاحب ذنب توبة غير اصحاب البدع واصحاب الأهواء ليس لهم توبة أنا منهم بريء وهم مني براء.
(٣) نور الثقلين ١ : ٧٨٢ في تفسير القمي عن أبي جعفر عليهما السلام في الآية قال : فارقوا امير المؤمنين (ع) وصاروا أحزابا.