فلو أن علماء الإسلام اتخذوا القرآن نبراسهم الوحيد ومتراسهم الوطيد لم يعيشوا ذلك الاختلاف العارم.
ذلك ، ولكن المحور الأصيل في ذلك التنديد المديد هم المشركون وأهل الكتاب الذين لا يؤمنون فإنهم أولاء هم واجهة الخطاب العتاب من ذي قبل مهما شمل التنديد كلّ هؤلاء الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا.
فذلك مفرق الطريق بين الرسول (ص) ودينه كله وبين كلّ المفرقين دينهم ، سواء أكانوا من المشركين الذين تمزقهم أوهام الجاهلية شيعا ، أو من اليهود والنصارى الذين مزقتهم المذهبيات الشاردة عن شرعة الله ، فأصبحوا مللا ونحلا ومعسكرات ودولا ، أو من غيرهم ما كان وما هو كائن وما سيكون من مذاهب مختلفة مختلفة بين المسلمين.
فالوقفة الأولى لأي مسلم أمام عقيدة غير إسلامية هي المفرقة الأولى عن الإسلام ، كما الوقفة أمام أي حكم وسلطة غير إسلامية هي من أهم المفرقات ، وبينهما متوسطات من المفرقات ، فإنما الإسلام للجماهير المسلمة هو الالتقاء على محض الإسلام والإسلام المحض والسلام.
فيا ويلاه من أهل الرأي والهوى ، فقد «ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه ، ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلافه ، ثم يجتمع القضاة عند الإمام الذي استقضاهم فيصوب آراءهم جميعا ، وإلههم واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد ، أفأمرهم الله سبحانه بالاختلاف فأطاعوه ، أم نهاهم عنه فعصوه ، أم انزل الله سبحانه دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه ، أم كانوا شركاء له فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضي؟ أن أنزل الله دينا تماما فقصر الرسول (ص) عن تبليغه وأداءه والله سبحانه يقول : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) وقال (تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضا وأنه لا اختلاف فيه