التقوى ، ولا أية سيئة يجزى مثلها فقد ينقص عنها جزاءها أو يعفى عنها بمكفراتها ف (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) (١١ : ١١٤) أم تبدل حسنة (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) (٢٥ : ٧٠).
فهذه ضابطة مقررة كأصل تجري حسب الضوابط الأخرى في تقدير الحسنات والسيآت ، فلو قيل «من جاء بحسنة أو سيئة» لخيّل إلينا تحليق الضابطة دون استثناء ، كما يخيّل حاكمية العدة فيهما على العدة لهما ، أن حسنة واحدة هي بعشر كيفما كانت ، وسيئة واحدة بواحد كيفما كانت ، فصاحب حسنة صغيرة له عشر وإذا أتى بسيئة كبيرة فله واحد ، وبالموازنة ترجح حسنته على سيئته!.
ذلك وكما أن «الحسنة والسيئة» هما الأصيلتان ، فليست عشر أمثالها لكلّ عشر حتى لا تنتهي ، إنما هي الحسنة التي جاء بها لا العشر التي يجازى بها ثوابا فإنها جزاء الحسنة وليست نفسها ، فلا تسلسل في (عَشْرُ أَمْثالِها).
ذلك ، وجزاء سيئة بمثلها مربوطة بعدم الغفر بعضا أو كلا بمكفرات مسرودة في القرآن ، وأما الحسنة غير الحابطة فلها لأقل تقدير عشر أمثالها ، عقيدة وعملية ونية ، بل وإذا نوى سيئة ثم لم يعملها وهو قادر على العمل فهذه محسوب بحساب الحسنة (١) فله ـ إذا ـ عشر أمثالها ، وأما إذا تركها إذ لم يقدر عليها فلا ثواب هنا ولا عقاب (٢) لأنها خارجة عن «الحسنة والسيئة» معا.
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٦٤ ـ اخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : من جاء بالحسنة الآية قال : ذكر لنا ان النبي (ص) كان يقول : إذا همّ العبد بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة وإذا همّ بسيئة ثم عملها كتبت له سيئة.
(٢) الدر المنثور ٣ : ٦٤ ـ اخرج ابو يعلى عن انس ان رسول الله (ص) قال : من همّ ـ