أصل المماثلة بين السيئة وجزاءها ، حيث لا يعذبون إلّا محدودا بحدود السيئة ، محدّدا بحدّ العدل جزاء وفاقا (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ).
فمن المماثلات ما هي معروفة لدينا ومنها غير معروفة حيث نجهل مديد السيئة مهما عرفنا عديدها ، فالأحكام الجزائية في شرعة الله وفي يوم الجزاء ليست لتتخطى ضابطة الجزاء الوفاق و«جزاء سيئة مثلها» حيث المماثلة في الاستحقاق هي قضية العدل ونص القرآن ، وذلك هو الصراط المستقيم :
(قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٦١) :
«قل» إبرازا باللسان ككامن الجنان ، وإبرازا بالأركان ، بروزا في مثلث القال والحال والفعال (إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وهو صراط المنعم عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، ولست فقط مهديا إلى صراط مستقيم ، بل و (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) لأعلى قممه ، حيث السالكون فيه درجات ، فالسلوك فيه أيضا درجات مهما كان الصراط المستقيم واحدا لا عوج له (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ).
وقد وصف (صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) هنا ب (دِيناً قِيَماً) هو إما مخفّف «قياما» كما يقال ، فالصراط المستقيم في العبودية هو الطاعة القيام ، قائمة على مدار الزمن الرسالي ، مقيمة للميتات في طاعة غير الله إلى حياة طاعة الله ، ففيه ـ إذا ـ كافة القوامات والقيامات والقيم الصالحة كأكمل ما يمكن وجاه الله تعالى كما يحب ويرضى.
ف «قيما» وهي القيام تحلّق على كلّ قوامات الدين وقياماته وقيماته وإقاماته ، من إقامة الوجه لدين الفطرة : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ