ولكي يعرف الناس أقدارهم أنفسهم ويعرفوا بها ، وحياة التكليف كلها فتنة.
ذلك! وفي فتنة بين الفقراء والأغنياء نرى الأكثرية الساحقة من السقوط بين الأغنياء المترفين ، مهما يسقط من الفقراء من يبهرهم باهر الظاهر من زخرفة الحياة الدنيا.
ذلك مهما كان كلّ من الفقر والغنى فتنة لكلّ من الفقراء والأغنياء : (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ. وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ. كَلَّا ..) (٨٩ : ١٧) فإنها فتنة وأفتنها فتنة الكرامة والنعمة حيث يسقط فيها خلق كثير ، ثم الفقر المدقع ، ومن ثم حالة العوان بينهما فانها أيسر الفتن.
والحكمة التربوية الربانية تقتضي الاختلاف بين العطيات والقابليات ليخلص في هذا البين خالص ، ويفلس فالس كالس ، إتماما للبلية الربانية بعد ابتلاءهم بسائر التكاليف والمسؤوليات الفردية والجماعية.
ولقد بقي في هذه الفتنة فقراء الجيوب أغنياء القلوب عند رسول الله (ص) ونفر نفر من المستكبرين الأغنياء الأغبياء ، المستنكفين عن الإيمان يقولون : «أهؤلاء» السقاط من الناس البائسين الكالسين (مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا) بنعمة الإيمان وكرامته ونحن أحق بها منهم ، قولة هازئة لا تحمل واقعا من الاهتمام بالإيمان ، ولو كان لما كان من قضايا الايمان ، فإن فضل الإيمان لا يعرف تقديما بسائر الفضل ، بل هي رذل أمام فضل الإيمان.
كما وأن من مقالهم البئيس اليئيس (لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ) (٤٦ : ١١).
وهنا يرد عليهم بما يحفل ويحمل إيحاءات وإيماءات بصيغة استفهام