وترى «من بعده» تعني عاجله وكما (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) (٤ : ١٧) وقد تقرّب شريطة قربه «من بعده»؟.
ولكن «ثم» المراخية لمدخولها تحوّل «من بعده» إلى الآجل مع العاجل حتى الموت.
ولكن «إنما» في آية النساء تحصر واجب التوبة على الله بالتوبة القريبة!.
ولأن النساء مدنية وهذه مكية فقد تكون دائرة التوبة المقبولة ـ قطعا ـ فيها أضيق منها في مكة ، وتلك السعة المكية هي قضية سماحة الدعوة في بواديها وكما السماحة في الخطوة الخطوة للحقول الأحكامية واجبة ومحرمة.
ذلك ، ولكن مصب هذه الآية هو (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا) ولمّا يؤمنوا ، فالمفروض فيهم «ثم» إذ قد تسبق لهم سابقة الكفر المديد ، والضابطة الثابتة فيهم : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) (٨ : ٨) (١).
__________________
ـ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً).
وفيه عن المجمع روي عن أبي عبد الله (ع) أنها نزلت في التائبين ، أقول : علّهم التائبون عن الكفر ، حيث التائبون عن العصيان حالة الايمان انما التوبة لهم على الله إذا تابوا من قريب.
وفي تفسير البرهان ١ : ٥٢٧ عن زرارة عن أبي جعفر عليهما السلام قال : إذا بلغت النفس هذه ـ وأهوى بيده إلى حلقه ـ لم يكن للعالم توبة وكان للجاهل توبة.
(١) الدر المنثور ٣ : ١٤ عن هامان قال أتى قوم إلى النبي (ص) فقالوا : إنا أصبنا ذنوبا عظاما ، فما رد عليهم شيئا فانصرفوا فأنزل الله (وَإِذا جاءَكَ ...) فدعاهم فقرأها عليهم.