فسواء أكان ذلك الإيمان في العهد المكي أو المدني أم بعد ذلك وإلى يوم الدين ، فهذه الضابطة الجاذبة إلى كتلة الايمان واردة بحق الذين يؤمنون.
فأما إذا آمنوا ف : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) (٤ : ١٧) وأما التائبون من غريب فهم مرجون لأمر الله ، سواء في العهدين أم سواهما.
وحين يبدأ النبي (ص) (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا) ب (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) فما ترى ـ إذا ـ سلامه للذين آمنوا؟ لقد «كانوا إذا دخلوا على النبي (ص) بدأهم فقال : سلام عليكم ، وإذا لقيهم فكذلك أيضا» (١).
وقد تعم (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ) من آمن من قبل ومن يؤمن فإنهما مشتركان في حالة الإيمان وهالته ، فقد «كان النبي (ص) إذا رآهم ـ أهل الصفة ـ بدأهم بالسلام ويقول : الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرني أن أبدأه بالسلام» (٢).
إذا ف (ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ) تعني كلا التائب عن الكفر أو الفسق مهما اختلفا في واجب قبول توبتهم على الله إطلاقا كما في الأولين ، أو اختصاصه بتوبتهم من قريب كما في الآخرين.
فاختصاص الآية بالمؤمنين هو خلاف الظاهر من (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ) وخلاف النص في آية النساء : (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) وليس في آيتنا إلّا (ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ) الشامل للقريب والغريب!.
__________________
(١) المصدر اخرج ابن المنذر عن ابن جريح قال : أخبرت ان قوله (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) قال : كانوا ...
(٢) تفسير الفخر الرازي ١٣ : ٣ قال عكرمة كان النبي (ص) : ...