(قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) (٥٧) :
(عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) هي قرآن محمد ومحمد القرآن ، فإنهما صنوان تحكمهما آية ربانية واحدة «و» الحال أنكم «كذبتم به» بربي في بيّنته ، فإن تكذيب محمد البيّنة وتكذيب القرآن البيّنة تكذيب للرب المرسل ، بيّنة ببيّنة ، أم كذبتم بأصل البيّنة وهو القرآن ، والجمع أجمل كما هو أكمل ، فلو كان القصد إلى «بيّنة» لكان صحيح الضمير «بها».
(ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) من آية عاجلة أم عذاب عاجل «إن الحكم» فيهما وسواهما من حكم رباني «إلّا الله» حيث (يَقُصُّ الْحَقَّ) اتباعا لأثره بعد قصّه عن الباطل وفصله (وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) هنا بين الحق والباطل ، وهناك يوم الدين بين أهل الحق وأهل الباطل.
لفتة إلى الحكم والحق :
والحكم الصالح هو الجمع الصالح بين الفصائل قلّت أم كثرت ، من حكمة الدابة التي تربطها عن الانزلاق والانحياق ، وكذلك حكم الله في التكوين والتشريع وفي أي حقل من حقوله في الأولى والأخرى حيث (لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
وكما الله هو الحاكم في التشريع ككلّ ، كذلك هو الحاكم في الأقضية الخاصة بين المتخاصمين.
و (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) تحصر الحكم بين الخلق بأسره في الله ، وطليق «الحكم» يعم مثلثه تكوينا وتشريعا وشرعة في الحكم الزمني والروحي وهما في الحق واحد ، فإن شرعة الله تحمل كلّ ألوان الحكم بين الخلق.
والحكم المتحلل عن حكم الله ليس إلّا حكم الجاهلية مهما كان