دركات ، كما أن حكم الله فيمن يحمله درجات : (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (٥ : ٥٠).
ومهما كان الحكم بزواياه الثلاث لله ، ولكن الزاوية الثالثة : الشرعة ـ يحملها أهل الله بحكم الله : (أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ) (٦ : ٨٩) وهذا هو محط الاستدعاء لمن يحق له : (رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (٢٦ : ٨٣).
وليس تحكيم الرسل بإذنه إشراكا في حكمه حتى ينافي : (وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً) (١٨ : ٢٦) ، حيث الرسول الذي يحمل حكم الله ويحكم بإذن الله ليس مشاركا لله في حكمه إلّا أن يستقل بعضا ما في حكمه أو يستغل ، والحاكم بإذن الله بعيد عن أي استقلال أو استغلال.
ثم الحق الذي يقصه الله ليس إلّا ما أحقه هو لا سواه ، فالحق بالنسبة لمن سوى الله هو ما وافق الحق لأنه ليس نفسه ، وهو لله ليس إلّا نفسه ذاتيا وفعله ، فالله ذاته حق وصفاته حق وأفعاله حق ، وإرادته حق وعلمه حق ، فكلما وافق حقه فهو الحق ، وكلما خالفه فهو الباطل ، وهذا هو توحيد الحق.
ذلك! ولكنه ليس ليقص ذاته أو صفات ذاته لخلقه ، إنما يقص ما بالإمكان أن يعرفه الخلق أو يعمله من فعله ومشيئته.
فليس (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً) (٢ : ١١٩) وما أشبه ، يعني إرسالا بما يوافق الواقع المتحلل عن صفات الله وأفعاله ، بل هو الحق المرسل به من نفسه المقدسة كما يراه صالحا ، ف (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (٢ : ١٤٧).
فأمثال قوله تعالى : (رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ) (٢١ : ١١٢) لا تعني إلّا