وأراضي الأرحام وما أشبه من ظرف لغائب الحبوب ، ومن ثم خامس يحلق على كلّ شيء : (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) وذلك الختام بمناسبة البداية والعوان بينهما هو كتاب علم الله ، فإنه «مبين» ـ ما يصلح للكينونة ـ كونه ، وما يصلح لبيانه بيانه في أيّ من حقول التكوين والتبيين : (وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (١٠ : ٦١) وهو اللوح المحفوظ ، وهو الكتاب الحفيظ ، وهو الإمام المبين : (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) (٣٦ : ١٢).
أترى كلّ هذه الخمسة مغلقة على غير الله تعالى؟ والعلم بظاهر مما في الأرض والسماء مما يعلمها غير الله ضروريا أو نظريا ، كما وأن للمطهرين مسّ لما في كتاب مكنون!.
هذه الخمس مشتركة في اختصاصها بالله في خاصة علمه الحقيقي الذاتي ، ومختلفة في طليق العلم بها ، فمنها ما لا يعلّمها الله سواه كما لا يعلمها سواه وهي الأولى (مَفاتِحُ الْغَيْبِ) ومنها ما يعلمها المصطفين من عباده ، المرسلين ، وهم حملة غيب الوحي ، المعنيون في (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (٥٦ : ٧٩) و (إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) (٧٢ : ٢٧) ، ولكن ليس ممّا يعلّمه إياهم سقوط كلّ ورقة وكلّ حبة في ظلمات الأرض وكلّ رطب ويابس ، إذ لا تمت بصلة لرسالاتهم ، إلّا غيب الوحي رسوليّا ورساليا ، وكما اختص (إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) ب (فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً. لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ ...).
وقد تشير «مفاتح» بدلا عن «خزائن» أنه الذي يفتح من الغيب كما يرى لأنبيائه وملائكته وسائر أهل خاصته من خلقه ، فكلّ ما يتوصل به إلى فتح المبهم وبيان المستعجم يعبر عنه بالمفتح : مكان الفتح وطريقته.
ولكن هذا المعنى هو ضمن المعني من (مَفاتِحُ الْغَيْبِ) حيث يتطلب