التوفي هو الأخذ وافيا ، إما للروح كله وهو توفّي الموت ، أم للروح الإنساني والحيواني باق في البدن وهو توفي النوم ، فالنوم ـ إذا ـ أخ الموت ، وإما توفي الروح والجسم دون فصال بينهما وهو الأخذ وافيا عن مكان إلى آخر كما في توفي السيد المسيح (ع).
وفي توفي النوم آيتان أخراهما : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (٣٩ : ٤٢)(١).
وهنا (يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) مسايرة مع أغلبية المنام وهي في الليل ، وأنه أصلح من نوم النهار كما هو المستفاد من آيات المنام.
والروح المتوفّى في المنام هو الروح الإنساني دون استئصال للحياة بأسرها وكما يروى عن رسول الله (ص): «مع كل إنسان ملك إذا نام يأخذ نفسه فإن أذن الله في قبض روحه وإلا رد إليه فذلك قوله : (يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ)(٢) ، فالنفس هي النفس الإنسانية والروح هو الحيواني ، وهو يجاوب آية الزمر (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ) وفي «يتوفاكم» لمحة باهرة لأن أصل الإنسان هو النفس الإنسانية ، دون الروح الحيواني فضلا عن البدن ، فإن «كم» خطاب لنا إنسانيا ، والنفس الإنسانية هي المتوفاة بكاملها حين النوم كما الموت والفارق بينهما الروح الحيواني الباقي في النوم والذاهب مع النفس في الموت.
فحين يطلق الإنسان على مثلث كيانه نفسا وروحا وجسما ، فإنما المحور فيه هو النفس والآخران على هامشها.
__________________
(١) راجع للاطلاع على فصل القول حول النوم والموت إلى الزمر : ٣٤٤ من الفرقان.
(٢) الدر المنثور ٣ : ١٥ ـ اخرج أبو شيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال قال رسول الله (ص) : ...