مهما كانت بأدنى إدراك وشعور ، ثم الحفظ الرباني يعم كلّ شيء : (إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) (١١ : ٥٧) ، مهما كان المحور الأصيل في الحفظ العقلاء من عباده ، كما (لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ) (١٣ : ١١).
وحفظ الله تعالى بين رحماني يعم كلّ شيء كما في آية هود وأضرابها ، ورحيمي يخص الصالحين ، وهو بين حفظ للإيمان قدر القابلية والفاعلية ، وحفظ للعصمة الربانية على درجاتها ، ومن الرحيمي حفظ الأعمال ليوم الحساب (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ. كِراماً كاتِبِينَ) (٨٢ : ١١).
وهنا «عليكم» حفظ رباني رحماني يعم كلّ عباد الله ، ورحيمي حفظا للأعمال : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) بأمر الله ، فليس الله ـ إذا ـ حفيظا عما يريده من اجل مسمّى (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا) في دائرة توفّي الأموات التي يرأسها ملك الموت (وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) تقصيرا في كمية الإماتة وكيفيتها ، فإنهم ماضون بأمر الله دون تمييز بين الذين جاءهم الموت.
وترى (وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً) ضمانة تامة للحفاظ علينا فلا علينا أن نحافظ على أنفسنا مما يصطدمنا في حياتنا وحيوياتنا؟.
أجل ، إن علينا كلّ المحاولات الممكنة في حفاظنا على نواميسنا الخمسة فانه ضرورة عقلية ورسالية ، إلّا أنّ حفاظاتنا على نواميسنا ليست بالتي تكفينا لو لا أن الله يحفظنا ويرسل علينا حفظة ، فمهما ترك لنا الحرية لنتعرف ، ومن العلم لنعرف ، ومن القدرة لنقوم بالواجب ، ولكنها كلها محدودة بأقدارنا وقدراتنا ، فنحن بحاجة ماسة الى حفظة الله ، وهذه هي المعية الربانية المعنية ب (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٥٧ : ٤).
ثم وليس حفظ الأعمال بتسجيلها من حفظنا ، وإنما هو الحفظ على ما لا