يختص به الله من سائر ما أمرنا بالحفاظ عليه من أمورنا الاختيارية الاختبارية.
ولأن الحفظ رحمانيا ورحيميا يعم حفظ الروح إلى حفظ الجسد ، فلا بد للحفظة بأمر الله من الاطلاع على موارد واجب الحفظ فيهما ، والله هو الذي يطلعهم على ما أرسلوا لحفظه.
وهل إن هؤلاء «الحفظة» هم رسل الموت أم سواهم؟ لا تدل الآية على أحدهما ، وقد تلمح «رسلنا» دون «حفظة» أو «توفوهم» إلى أنهم غيرهم ، ويؤيده أن الملائكة العمال درجات ، لكلّ طائفة منهم عملية كما يأمر الله ، فلا خلط ـ إذا ـ مبدئيا إلّا أن يدل عليه دليل.
وكما أن الحفظ الرباني من الغيب كذلك توفيه لنا ، فإذا جاءت اللحظة المرسومة المسماة ، الموعودة لكلّ نفس وهي غافلة ، أدى رسول الموت مهمته وقام برسالته هذه بعد ما أدى الحفظة رسالة حفظهم دون أي تناحر بين الرسالتين.
(ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ)(٦٢) :
أتراهم بعد توفيهم لهم مكوث حتّى يردوا إلى الله مولاهم الحق؟ (أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ) قد ينحّي ذلك الرد إلى يوم البعث ، وأما البرزخ ففيه حكم وحساب مؤقت ، ف «ثم» المراخية لردهم لمحة إلى الحساب المتراخي يوم الحساب ، ثم و (هُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ) على وفر العباد المحاسبين ، وقد روي أنه سبحانه يحاسب جميع عباده على مقدار حلب شاة (١) ، ولو شاء لأسرع أسرع من حلبة شاة.
__________________
(١) مجمع البيان وروي .. وروي عن امير المؤمنين (ع) أنه سئل كيف يحاسب الله سبحانه الخلق ولا يرونه؟ قال : كما رزقهم ولا يرونه.