أجل إنه ليس مردّهم جميعا إلّا إلى (مَوْلاهُمُ الْحَقِّ) دون سائر الموالي فإنها باطلة كلها في حقل الربوبية المزعومة لها.
والرد هنا هو الرجوع ، فلأنهم ، بلا شعورهم وعقلهم واختيارهم كانوا عند الله في كلّ حول وقوة ، ثم الله نقلهم إلى عالم الإختيار ، ومن ثمّ يرجعهم إلى ما كانوا بفارق الحساب واللّاحساب ، لذلك فقد يصح التعبير عن هذه النقلة بالرد والرجوع إلى الله.
ولأن الله هو نفسه ليس منتهى غاية زمانا أو مكانا أو وصولا إلى ذاته أم أفعاله وصفاته ، فالرد إليه هو الرد إلى ربوبية جزاءه منذ الموت ، بعد ما عاشوا ربوبية تكليفه ردح التكليف.
وهنا (أَلا لَهُ الْحُكْمُ) يضم كأهم موارده حكم الرد والحكم الحساب بعد الرد ، فلا حساب إلّا على الله وكما لا رد ولا رجوع إلّا إلى الله ، ف «إياب الخلق إليكم وحسابهم عليكم» ترد أو تؤوّل بما يناسب انحصار الإياب والحساب في الله يوم الإياب والحساب ، ككونهم موازين الأعمال ، فبهم ـ كأمثولات عليا ويرأسهم الرسول (ص) ـ توزن الأعمال ، ثم يردون إلى الله لعدل العقاب أم فضل الثواب.
ذلك ، ومن ثمّ يحاكمنا ربنا إلى فطرنا العارفة إياه حيث تلتجئ إليه في ساعة العسرة :
(قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٣) قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ)(٦٤) :
(ظُلُماتِ الْبَرِّ) هي ظلمات الليل فيه وظلمات الظلامات ليل نهار ، إضافة إلى ظلمات السحاب.
وظلمات «البحر» كذلك إضافة إلى ظلمات أعماقها حين تغرقون