ولكنه ـ شرط أن يتقوا عن ظلمهم بملابساته ـ خارج عن الكبائر فداخل في الصغائر المكفرة بترك الكبائر ، كما وهم يتقون بنفس الدخول معهم لتحقيق فرائضهم.
ذلك ، وترى الرسول حين يؤمر ألا يقعد مع الخائضين ، كذلك يؤمر بترك تذكيرهم ، المأمور به (عُذْراً أَوْ نُذْراً) فمهما كان (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ولكنه ليس سواء عليه ، فعليه الاستمرار في الإنذار مهما كان عليهم سواء ولكنه لا يقعد معهم فيه فيذرهم من هذه الناحية ولا يذرهم في حقل الإنذار ، وهو لأقل تقدير لا يقدر أن يترك المسجد الحرام لأنهم فيه كما المسلمون (١).
(وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ)(٧٠) :
البسل في الأصل هو المنع والحبس ، ومنه يقول العرب للحرام بسل ، كما البسالة : الشجاعة هي المناعة ، ف (أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ) تعني أن تحرم نفس وتحبس عما تعني وترهن ف (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ. إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) (٧٤ : ٣٩) ـ إذا ـ ف «ذكر به» تمحور غير أصحاب اليمين ، المرتهنين بما كسبوا حتى يصبحوا منهم فلا يرتهنوا.
والإبسال بالكسب هو أن يحرم نفسه من الصلاح والفلاح بمكاسب
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧٢٨ عن المجمع قال ابو جعفر عليهما السلام لما نزل (فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) قال المسلمون كيف نصنع ان كان كلما استهزأ المشركون بالقرآن قمنا وتركناهم فلا ندخل إذا المسجد الحرام ولا نطوف بالبيت الحرام فأنزل الله (وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) ـ «امر بتذكيرهم وتبصرهم ما استطاعوا».