المحجة ، القاضية على هذه الزوايا ، الماضية في الدعوة إلى الله.
ذلك ، وكما (ما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) فعلى الذين لا يتقون ، قعودا معهم وتركا لنهيهم «من حسابهم شيء» وكما في آية النساء (إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) وشيء حسابهم الذي هو عليهم ليس نفس حسابهم ، فإنما هو مثله قدر ما اكتسبوا من الإثم معهم حيث (لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ، وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ..).
وهنا احتمال ثان أن ضمير الجمع في (مِنْ حِسابِهِمْ) راجع إلى (الَّذِينَ يَتَّقُونَ) أنهم لا يحاسبون على أعمالهم أبدا إكراما لتقواهم ، وكما : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) (٤ : ٣١) ولكنه معنى هامشي على أصله المذكور.
فالذين حياتهم حياة التقوى كأصل لا يحاسبون على شيء من أعمالهم مهما تفلتت منهم سيئات ، وهم في صورتهم الوضاءة الخاصة أحرى من عامة مجتنبي الكبائر.
ومن حسابهم الذي ما عليهم منه من شيء هو القعود مع الظالمين إذا اتقوا ظلمهم وملابسات القعود معهم ، ولا سيما إذا تركوه بعد ما نسوه : (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) وبالأخص إذا كان القعود معهم لأداء فريضة أو سنة إسلامية دون تقصد لمجالستهم ، كالدخول في المسجد الحرام للطواف والسعي ، والذهاب إلى سائر المشاعر لأداء سائر المناسك ف (ما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) حين يكون جلوسهم معهم بطابع التقوى «ولكن» يبرز ذلك القعود «ذكرى» لهم (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ).
ولأن الآية تحتمل المعنيين ـ إذا ـ فهما معا معنّيان ، إلّا أن «يتقون» في الأول أوسع من الثاني حيث شملت التقوى عن القعود مع الظالمين ،