(وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ) بعد قيامة التدمير للكون ، يقول قولا تكوينيا لما دمّر «كن» كونا لصالح الحشر والحساب «فيكون» كما قال ، كما (فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ) الّذي قاله وعدا قبل الحشر زمن التكليف ، والّذي يقوله في قيامة التعمير ، حقا في واقعه كما كان حقا في نبإه.
(وَلَهُ الْمُلْكُ) هنا وهناك ، ولكنه لا يبرز لأهل الحشر تماما إلّا فيه ، فهو (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) مهما كان مالكا يوم الدنيا ، والفارق هو الخفاء يوم الدنيا والبروز يوم الدين : ف (لَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) نفخة الإحياء في الناقور : (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ. فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ. عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) (٧٤ : ٩).
ولا تعني «الصور» هنا الصور وهي جمع الصورة ، لمكان رجوع ضمير الإفراد إليه (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى) (٣٩ : ٦٨) وكما الأولى وهي نفخة الإماتة لا تناسب النفخ في صور الأحياء في نفخة الإحياء كما هنا ، ولا صور لمن في الأجداث حتى ينفخ فيها الأرواح ، (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) (٣٦ : ٥١)(١) : «وكيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن وحنى جبهته وأصغى بسمعه ينتظر متى يؤمر فينفخ ..»(٢).
(عالِمُ الْغَيْبِ) كله (وَالشَّهادَةِ) كلها (وَهُوَ الْحَكِيمُ) بما يفعل «الخبير» بما يفعل.
__________________
(١) راجع ح ٣٠ : ٣٤ ـ ٣٦ تجد تفصيل البحث حول النفخ في الصور والنقر في الناقور.
(٢) الدر المنثور ٣ : ٢٢ عن أبي سعيد عن النبي (ص) قال : كيف أنعم .. قالوا فما نقول يا رسول الله (ص)؟ قال : قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا» وفيه عن عبد الله بن عمر قال : سئل النبي (ص) عن الصور فقال : هو قرن ينفخ فيه.