(٢٣) قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ لا علم لي بوقت عذابكم ولا مدخل لي فيه فاستعجل به وانّما علمه عند الله فيأتيكم به في وقته المقدّر له وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ وما على الرسول الّا البلاغ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ لا تعلمون انّ الرسل بعثوا مبلغين ومنذرين لا معذّبين مقترحين.
(٢٤) فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً سحاباً عرض في أفق السماء مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ متوجّه أوديتهم قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا أي يأتينا بالمطر بَلْ هُوَ أي قال هود بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ من العذاب رِيحٌ هي ريح فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ.
(٢٥) تُدَمِّرُ تهلك كُلَّ شَيْءٍ من نفوسهم وأموالهم بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ أي فجاءتهم الريح فدمّرتهم فأصبحوا وقرئ لا ترى على الخطاب يعني بحيث لو حضرت بلادهم لا ترى الّا مساكنهم وقرئ لا يري بالياء المضمومة ورفع المساكن كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ القمّيّ كان نبيّهم هود وكانت بلادهم كثيرة الخير خصبة فحبس الله عنهم المطر سبع سنين حتّى اجدبوا وذهب خيرهم من بلادهم وكان هود يقول لهم ما حكى الله في سورة هود اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إلى قوله وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ فلم يؤمنوا وعتوا فأوحى الله الى هود انّه يأتيهم العذاب في وقت كذا وكذا رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ فلمّا كان ذلك الوقت نظروا الى سحابة قد أقبلت ففرحوا ف قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا الساعة نمطر فقال لهم هود بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ إلى قوله بِأَمْرِ رَبِّها قال فلفظه عامّ ومعناه خاصّ لأنّها تركت أشياء كثيرة لم تدمّرها وانّما دمّرت مالهم كلّه قال وكلّ هذه الأخبار من هلاك الأمم تخويف وتحذير لامّة محمّد صلّى الله عليه وآله وروي أنّ هود لمّا احسّ بالريح اعتزل بالمؤمنين في الحظيرة وجاءت الريح فأمالت الأحقاف على الكفرة وكانوا تحتها سبع ليال وثمانية أيّام ثمّ كشفت عنهم واحتملتهم وقذفتهم في البحر.
(٢٦) وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ ان نافية أو شرطيّة محذوفة الجواب اي كان بغيكم أكثر وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً ليعرفوا تلك النعم ويستدلّوا بها على مانحها ويواظبوا على شكره فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ