صنع قريش إليهم فأحببت ان أجازي قريشاً بحسن معاشرتهم فأنزل الله عزّ وجلّ على رسوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا الآية تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ تفضون إليهم المودّة بالمكاتبة والباء مزيدة وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أي من مكّة أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ بسبب ايمانكم إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ من أوطانكم جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي جواب الشرط محذوف دلّ عليه لا تَتَّخِذُوا تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ أي منكم أو اعلم مضارع والباء مزيدة وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ أي يفعل الاتّخاذ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ اخطأه.
(٢) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يظفروا بكم يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً ولا ينفعكم إلقاء المودّة إليهم وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ ما يسوؤكم كالقتل والشتم وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ وتمنّوا ارتدادكم ومجيئه وحده بلفظ الماضي للاشعار بأنّهم ودّوا ذلك قبل كلّ شيء وانّ ودّهم حاصل وان لم يثقفوكم.
(٣) لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ قرابتكم وَلا أَوْلادُكُمْ الذين توالون المشركين لأجلهم يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ يفرّق بينكم بما عراكم من الهول فيفرّ بعضكم من بعض فما لكم ترفضون اليوم حقّ الله لمن يفرّ عنكم غداً وقرئ يفصل على البناء للفاعل وبالتشديد على البنائين وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فيجازيكم عليه.
(٤) قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قدوة اسم لما يوتسى به فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ آمنوا مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ تبرّأنا منكم.
كذا عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : والكفر في هذه الآية البراءة.
رواه في التوحيد ومثله في الكافي عن الصادق عليه السلام وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ فتنقلب العداوة والبغضاء الفة ومحبّة إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ استثناء من قوله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فان استغفاره لأبيه الكافر ليس ممّا ينبغي أن تأتسوا به فانّه كان لموعدة وعدها إيّاه كما سبق في سورة التوبة وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ من تمام قوله المستثنى ولا يلزم من استثناء المجموع