به فبلغ أمير المؤمنين عليه السلام مقاله في ذلك فقال سبحان الله أما علم انّ الابّ هو الكلاء والمرعى وانّ قوله سبحانه وَفاكِهَةً وَأَبًّا اعتداد من الله بإنعامه على خلقه فيما أغذاهم به وخلقه لهم ولأنعامهم ممّا تحيى به أنفسهم وتقوم به أجسادهم.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام : انّه قيل له في قوله تعالى فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ ما طعامه قال علمه الذي يأخذ عمّن يأخذه.
أقولُ : وذلك لأنّ الطعام يشمل طعام البدن وطعام الروح جميعاً كما انّ الإنسان يشمل البدن والروح معاً فكما انّه مأمور بأن ينظر إلى غذائه الجسمانيّ ليعلم أنّه نزل من السماء من عند الله سبحانه بأن صبّ الماء صبّاً إلى آخر الآيات فكذلك مأمور بأن ينظر إلى غذائه انّه الرّوحاني الذي هو العلم ليعلم أنّه نزل من السماء من عند الله عزّ وجلّ بأن صبّ امطار الوحي إلى أرض النبوّة وشجرة الرّسالة وينبوع الحكمة فأخرج منها حبوب الحقائق وفواكه المعارف ليغتذي بها أرواح القابلين للتربية فقوله علمه الذي يأخذه عمّن يأخذه اي ينبغي له ان يأخذ علمه من أهل بيت النبوّة الذين هم مهابط الوحي وينابيع الحكمة الآخذون علومهم من الله سبحانه حتّى يصلح لأن يصير غذاء لروحه دون غيرهم ممّن لا رابطة بينه وبين الله من حيث الوحي والإلهام فانّ علومهم امّا حفظ أقاويل رجال ليس في أقوالهم حجّة وامّا آلة جدال لا مدخل لها في المحجّة وليس شيء منهما من الله عزّ وجلّ بل من الشيطان فلا يصلح غذاء للرّوح والايمان ولمّا كان تفسير الآية ظاهراً لم يتعرّض له وانّما تعرّض لتأويلها بل التحقيق انّ كلا المعنيين مراد من اللفظ بإطلاق واحد.
(٣٣) فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ أي النفخة وصفت بها مجازاً لأنّ الناس يضجّون لها.
(٣٤) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ.
(٣٥) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ